صحافة الابتزاز، هل أصبحت فعلا من الماضي؟!/ بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن

أحد, 2017/10/22 - 17:33

منذو أمس السبت قررت ذهنيا كتابة هذا المقال تحت عنوان "صحافة الابتزاز ترنح قبل السقوط والاختفاء"، لكن بسبب حرصي على ثوب المقال وواجهة المقال، أي العنوان والحرص على أن يكون مختصرا ومعبرا عن المحور الرئيسي للمكتوب، عدلت إلى هذا العنوان، الذي قرأته بارزا، "صحافة الابتزاز، هل أصبحت فعلا من الماضي".

هذا ما نتمناه ونحرص على تحققه تدريجيا، دون تعسف، فظاهرة مجتمعية ما عندما يتم الحد منها فوريا، قبل سابق الإنذار والتمهل اللائق، قد يتولد عن ذلك انعكاسات غير مأمونة العقبى أحيانا.

في بداية التعددية مع مطلع التسعينات أطلقت حرية الصحافة، فلحق بها الغث والسمين، وكانت في السنوات الأولى أكثر مهنية و احتراما ونخبوية إلى حد ما، لكن ما لبث أن هزلت بسبب الحاجة وتكدس الشباب العاطل عن العمل وسهولة منح الرخص وعناية النظام القائم وقتها بالحقل الصحفي ماديا، وتكريس ذلك في ميزانية الدولة ومشاريعها ولدى القطاع الخاص، الوطني آنذاك.

إن من حق الإنسان المحروم المغبون على رأي الصحبي أبى ذر الغفاري رضي الله عنه، حسب إحدى الروايات، أن يشهر سيفه مهددا فحسب، حتى لا يبقى المال دولة بين الأغنياء والمحظوظين، محصورا محتكرا، لكن في بعض الطرائق الشريفة الحاسمة نسبيا، كفاية دون الابتذال والتفسخ والميوعة المقرفة.

فمنذو مطلع 2000م وإلى اليوم تشكل فريق "إعلامي شبه عسكري" اصطلح على تسميته ظلما لجيش كردستان العراق "البشمركة"، مما أثار ردة فعل كاتب صحفي كردي.

ولكن لا مانع عندي من إعارة واستيراد المصطلح ما دام المقصد غير عدائي ضد كرد العراق مثلا.

أما السخرية بين الناس فمذمومة مطلقا وتحويل دلالات الكلمات والأسماء من شعب إلى شعب، فرغم أصلها السلبي أحيانا، إلا أنها ظاهرة متكررة مشهودة يصعب وقفها أو التغلب عليها نهائيا، مهما تعالت صيحات بعض الكتاب الأكراد، "بشمركة صحافة موريتانيا" لهم قصص مزعجة أحيانا وطريفة مضحكة إلى حد الثمالة أحيانا أخرى.

بعض الزملاء يكرهون إيجار مقر لمهنتهم غير المدرة للدخل ويفضلون صرف الدخل "البشمركي" العنيد في أوجه استعجاليه أكثر إلحاحا.

وفي المقابل ينتقل أفراد الكتيبة المتآكلة من إدارة إلى أخرى ومن منزل ذي طعم حلال أو حرام أو مشبوه إلى آخر.

والمحصلة المادية تافهة عموما، وإن تحسنت أحيانا ثروة "البشمركي" فلماما، ويقع ذلك في حالات "بشمركية" مقربة رسميا للأسف، "ولأدخل بين لخوت يظاك إعليه"، كما يقال في المثل الحساني المتداول الواضح الدلالة، فغالبا ما تسوى صدامات "البشمركة" وإدارات "المخزن "على حساب الصالح العام والصحافة المحترمة الجادة، إن صح هذا الإطلاق ووجد فعلا على أرض الواقع الإعلامي المعقد بامتياز، "البشمركة" والصحافة عموما، لا حل لها إلا التكوين والتمويل المتدرج المنظم مع التفهم والصبر بإذن الله.

وقطعا مع مرور الوقت ستتقدم وتتحسن وضعية صحافتنا الفوضوية مثل بعض القطاعات الرسمية وغير الرسمية، فالنجاح أحيانا في بعض البيئات المترهلة السائبة لابد له من وقت ونفس طويل إن شاء الله.

صبرا شرطتنا الوطنية.. صبرا صحافتنا الفتية، وخصوصا زملائي "البشمركة" المتهورين أحيانا للأسف .

الوقت عموما لم يعد في صالح التلاعب والابتزاز والتزوير، كما كان يمتهن المفوض المتقاعد ولد آده، المثير السيرة، اجتماعيا ومهنيا، ولا أحسبك يا ولد آده عافاك الله في الدنيا والآخرة إلا تدفع ثمن بعض ظلمي وغيري، وهم كثير كما تعلم ويعلم غيرك.

أما الزميل إبود صيبوط سدد الله خطاه فقد غررت به، فما سلم منه عرض أخوين شقيقين، ضابطين ساميين، وكأن المسألة شخصية إثر تقاعد ولد آده، المفاجئ له.

ومن وجه آخر الأوساط العسكرية المتابعة بدقة لشأنها الخاص شهدت للعقيد الحسن ولد مكت بتحسينات معتبرة في وضعية الثانوية العسكرية بعد أن تولى أمرها، وذلك في وقت قياسي ما شاء الله.

فلعل بيع الذخيرة يا صيبوط يورث الكفاءة والاستقامة، الله أعلم.

وعموما صحافة الابتزاز بات الوقت أمامها يضيق ويتناقص بشكل ظاهر، لأن عمر الحقل ومساره التجريبي الميداني بدأ يملى تلقائيا التنقية الذاتية، ولو تطلب ذلك الرعاية الدقيقة المكثفة وإجراءات مصاحبة متنوعة، فالمسألة في عمومها يكفيها الوقت وتضافر عوامل الإصلاح والتصالح الحتمي.

من هنا وهناك بإذن الله، فالصحافة لم تشرع لغير النقد المسؤول والتقييم الموضوعي وإمتاع المتابع بصورة مشروعة متوازنة وغير ذلك من الغايات الإعلامية النافعة الناجعة، إلا أن تكون حالة ظلم لا يطاق، مثل ما حصل معي من قبل ولد بوعماتو وولد آده وغيره ضمن ذلك الملف الشهير.

فالله أعلم بصنعة الإنسان، حين أباح له الانتقام من ظالمه عبر الجهر بالسوء، أجل في حالة إذا كان فعلا مظلوما، والصبر أكثر أجرا و عقبى في الدنيا و الآخرة.

قال الله في محكم تنزيله "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم"، قال القرطبي، تعليقا على هذا الاستثناء الحكيم المعجز، جاز له السب.

ومن وجه آخر تحديدا لا يمكن اعتبار استهداف أجهزة الدولة الموريتانية ورموزها الأمنية والوطنية، جيشا ودركا وشرطة وغيرهم، على وجه التعميم والشمول، عملا إعلاميا وطنيا بريئا، مهما تخفى صاحبه بالتظاهر بالدفاع عن عرض صهرنا حفظه الله، الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وهو في نفس الوقت يصف بوعماتو بالموقر، هذا مكشوف، هجمتك يا صيبوط وراءها بوعماتو.